الجغرافية الاقتصادية






الجغرافية الاقتصادية

تقديم عام :
أصبحت الجغرافية الاقتصادية محطة اهتمام الجغرافيين في للآونة الأخيرة لأسباب ثلاث :
-                   السبب الأول :
       يتمثل من جهة في مجموع التحولات الجغرافية التي ارتبطت أساسا بتحولات اقتصادية سواء على مستوى دول المركز أو الهامش،أو داخل الحيز الريفي أو الحيز الحضري.ومن جهة ثانية فإن الوقائع الاقتصادية أصبح لها دور مهم في اتخاذ مجموعة من القرارات الإنسانية و دور مهم في بناء ثقافة الإنسان و تمثلانه للعالم.
    كل  هذه الأشياء كانت لها أثار و نتائج مكانية (مجالية)،صارت تستقطب اهتمام الجغرافيين.
-                    السبب الثاني : يرجع إلى قضية ابستممولوجية أساسية تتمثل في التقاطع المعرفي بين حقلين  علميين مختلفين هما :
أ‌-                  علم الاقتصاد:
               الأول الذي أمد و أغنى حقل الجغرافيا  بكثير من المفاهيم.
ب‌-             علم الجغرافيا:
               استطاع  بأبعاده المكانية أن يطور الفكر الاقتصادي  الذي كان يقتصر على دراسة الوقائع الاقتصادية الصرفة.
      تطور هذين العلمين أدى إلى عدم تعارض الجوانب الاقتصادية للإنسان وباقي الجوانب الإنسانية الأخرى (الثقافية،النفسية،الاجتماعية...)
   
-                    السبب الثالث :  يتعلق أساسا بتطور الفكر الاقتصادي  و تأثره بتيارات ما بعد الحداثة،هذه الأخيرة التي وضحت بأن السلوك العقلاني للإنسان الاقتصادي و الذي يشكل الموضوع الرئيسي لعلم الاقتصاد  لا يمكن فصله عن سلوكه الثقافي و الديني (كان دور كبير دور كبير للانتربلوجيا.
    
مراحل تطور الجغرافيا الاقتصادية

1 – موضوع الجغرافيا الاقتصادية.

 نستهل هذا المحور بسؤال محوري :
باعتبار الجغرافيا الاقتصادية تأخذ أو تستمد عدة معلومات  من علم الاقتصاد وعلم الجغرافيا،هــل يمكن اعتبارها علم ملتقى أو تقاطع العلوم؟ أو يمكن تسميتها بالعلم اللقيط؟
    لقد تم الجزم بأن الجغرافيا الاقتصادية هي مفترق حقلين معرفيين مختلفين،فهذا لا ينفع في تحليل موضوعها.

-                    أولا : لأن هذه المسألة تضاعف المشكل حيث يقتضي الأمر تعريف أو تحديد موضوع كل من علم الاقتصاد و علم الجغرافيا .
-                    ثانيا : أن مراكز التقاء العلوم هي أماكن ليست ثابتة و قارة،و تاريخ العلوم  يثبت استحالة  تطور المعارف التي تحتل الأماكن الوسطى بين الحقول المعرفية ،لهذا نورد تعريفين أساسيين :

       . التحديد الأول

     لموضوع الجغرافية استقيناه من علم الاقتصاد باعتباره يدرس السلوك أو الفعل العقلاني للإنسان، فهذا السلوك الذي يسعى  إلى تحقيق الحاجيات اللامنتهية عن طريق سعيه المستمر في البحث عن استخدام أو استغلال الموارد النادرة فعندما تتبنى الجغرافية موضوع علم الاقتصاد فهي تتناوله من زاوية خاصة،حيث تركز على الآثار المجالية لهذا السلوك العقلاني و أيضا تهتم بالآثار الاسترجاعية (الجغرافية) للمكان على نفس هذا السلوك العقلاني    (علاقة تأثير و تأثير بين الأنشطة الاقتصادية
 و المكانية) إن الجغرافيا الاقتصادية تهتم بالوقائع من حيث هي نتاج للإنسان الاقتصادي (homme économique) داخل مكان معين.وهدا التحديد ساهم في تطور الجغرافية الاقتصادية و أيضا في تطور علم الاقتصاد المجالي.

     . التحديد الثاني  :
  تهتم الجغرافية الاقتصادية  بتوزيع الموارد و الثروات ،مواقع الإنتاج ،تهتم بالجهات الاقتصادية و المبادلات ... فهي تهتم بالاقتصاد أساسا و تركز على التوزيع الغير متكافئ للثروة و للموارد  مفسرة هذا التوزيع الغير المتجانس بعوامل متباينة و متفاعلة ومتضامنة لا تحصرها في الجوانب الاقتصادية ، بل هي عوامل تتفاعل إلى جوانب ثقافية و دينية.

تطور الجغرافية الاقتصادية

I  – المرحلة الأولى :

     مرحلة ما قبل 1870 : تميزت هذه المرحلة بتطور علم اقتصاد و ركود للفكر الجغرافي الاقتصادي.
            برز في هذه الفترة علم للاقتصاد كعلم كان له السبق الزمني في  مقاربة الأحداث و الظواهر الاقتصادية بدون أن يغفل الجوانب المكانية التي اعتبرها عوامل فاعلة في الأحداث الاقتصادية .فظهر هذا الحق المعرفي (علم الاقتصاد) و حاول تفسير التفاوت الحاصلة على مستوى امتلاك الثروة فكان موضوعه الأساسي هو الثروة و كيفية تدبيرها فبعدما كان يقتصر علم الاقتصاد في العصر اليوناني
 و الروماني على كيفية تسيير الاقتصاد المنزلي.
          أصبح مع الرأسمالية التجارية يهتم بالاقتصاد السياسي خاصة مع تيار الفكر الماركنتلي
و الفيزيوقراطي و الكلاسيكي .
       فرغم الخلفيات الإيديولوجية لهذه التيارات فقد حاولت تفسير ثروات الأمم و عملت على توضيح كيفية تنميتها،و أظهرت الأسس التي قد تستطيع  بها هذه الكيانات أو الدول تكوين ثرواتها.(المبادلات التجارية)

أ‌-                  التيار الماركنتلي:

             ظهر في القرن 16م و 17م في أوروبا ،بالنسبة له فإن  الدولة هي التي يجب أن تنظم الحياة الاقتصادية لأن في هذه الفترة كانت وليدة مصالح تجارية متصارعة هدفها المشترك و الوحيد
 أن تكون هناك دولة قوية يتم تسخيرها لمصلحة هذه الفئة التجاري،هذه المصلحة تكمن في البحث عن الثراء و العي إلى الغنى المرتبط أساسا بمعدنيين أساسيين هما الذهب و الفضة،و قد كان الهدف الأساسي للفكر الماركنتلي هو البحث في كيفية تعزيز الكميات المعدنية التي في حوزة التجار أو الموضوعة تحت تصرفهم،و أهم متزعمي هذا التيار" جـــون  بـــودان"،"جـــون بكـــولبير"،" ويــليام بيتـــي".

ب‌-             التيار الفيزيوقراطي :

               ففي الواقع فرنسا قد أدعنت لمصالح و سياسة التيار الميركونتيني أقل ما أدعنت له باقي البلدان الأوروبية الأخرى فقد ظلت  ذات اهتمام بالمجال الزراعي، و ظلت الفئة المالكة للأرض ذات وزن مهم،لهذا أظهرت تيار فكري يركز على الدر الرئيسي للزراعة باعتبارها مصدر للثروة عوض التجارة و يسمى بالتيار الفيزيوقراطي و قد برز في نصف القرن 18م ،أهم متزعميه فرانسوا كيسنــي،الذي ركز على أن الأرض هي مصدر الثروة للغنى و قام بما يسمى بالحق الطبيعي  لأنه هو القانون الذي يحكم  السلوك الاقتصادي و اعتبر الدولة أو السلطة هي مساعدة فقط لهذا الحق،و الحكمة في نظرهم  تقضي بترك الأمور تسير وفقا للدوافع الطبيعية دون تدخل .هذه المسألة ستكون إرهاصا ل آدام سميــت في قولته الشهيرة "دعه بعمل تعه يمر" و عموما يشكل التيار الفيزيوقراطي ردة فعل ضد الامتيازات الظاهرة التي كانت الرأسمالية التجارية  تتمتع بها.
      ج-    التيار الكلاسيكي :
             في الفكر الاقتصاد : أهم متزعميه هم مفكروا الاقتصاد الانجليز برزوا في نهاية القرن 18م و بداية القرن 19م  اهتموا أيضا بالإنتاج و توزيع الثروات و ركزوا بالدرجة الأولى  على المصلحة الفردية،و على النظام الطبيعي و الوظيفة الترشيدية و المنظمة للسوق و المنافسة الحرة و يعتبر  آدام سميــت أهم متزعمي  هذا التيار إلى جانبه ( مالتيس روبرت و دافيد ريكاردو) و قد تم التطرق إلى مجموع هؤلاء المفكرين الاقتصاديين للكشف عن الجوانب الاقتصادية التي تتم ادراجها في تفسير الانشطة الاقتصادية و التي استطاعت أن تشكل موارد أساسية أغنت الفكر الجغرافيالاقتصادي،و نذكر في ههذا الإطار مساهمة مـــاكس فيبـــر الذي أظهر : كيف تساهم الإعتقادات ىفي تطوير الاقتصاد الرأسمالي؟في كتابه الشهير الأخلاق البروتيستانية و "روح الرأسمالية"
 كما نذكر في هذا الصدد  الوسط الطبيعي عند التيار الفيزيوقراطي عند ما ركز على الأرض كمركز للثروة و أيضا التيار الكلاسيكي عندما تطرق للعوائق الأساسية للنمو و اعتبرها عوائق طبيعية بالأساس ، كما  نجد مفهوم التباين أو التمايز المجالي في الفكر الريكــاردي عند تطرقه لمفهوم الريع، اذ نجد أن التوزيع الغير المتكافئ لعوامل الإنتاج بين الدول هو أساس الإختلافات التي تعتري الانتاجية  وهو ما يفظي إلى التخصص و تكثيف التبادلات ما بين خيرات مكانية مختلفة.
و نظيف أيضا آدام  سميـــت عندما تطرق لتوسع الاسواق و هو توسع مجالي ينتج أساسا عن تقدم وسائل الانتاج(النقل)الذي يساهم في تزايد الطلب و ارتفاع الانتاج و بالتالي فغن المنتجين يسعون إلى تقسيم العمل فيما بينهم قصد الرفع من الإنتاجية.
  و عموما يلاحظ أن المرحلة الأولى من تطور الفكر الجغرافي الأقتصادي كان على يد علماء الاقتصاد ،في حين ظلت الجغرافيا تقتصصر على إحصاء الوقائع الاقتصادية بإحصاء الساكنة و أنشطتها و نستثني في هذه الفترة الجغرافي كـــانت ريتـــر الذي حاول أن يتبين تأثير التحسن الذي طرأ على وسائل النقل في تنظيم المجال في كتابه la géographie général temporelle   

II  – المرحلة الثانية:

تغييب الأبعاد المكانية لعلم الاقتصاد و تطور الجغرافية الاقتصادية.
-                    التصور النيوكلاسيكي :
بالنسبة للاقتصاد هو تصور ساد بالأساس بعد سنة 872/ جسده تيار المنفعة الجديدة،أبرز روادهليـــون فــردراس صاحب نظرية التوازن العام للاقتصاد صرف (1910) هو اقتصاد رياضي  يعتمد على النمدجة الدقيقة  للوصول إلى تصو سوق متوازن اقتصاديا،فأضحى  موضوع علم الاقتصاد في هذه المرحلة الرياضية هو دراسة  السلوك العقلاني للانسان .هذا الأخير له حاجيات غير محدودة،نميز ضمنها بين حاجيات أساسية و أخرى ثانوية  مقابل هذه الحاجيات  هناك موارد نادرة،فأصبح علم الاقتصاد يبحث في الاختيارات العقلانية التي يجب أن يتبناها الإنسان لتلبية و تحقيق حاجياته بإغفال باقي الجوانب الإجتماعية و الدينية و السياسية و أيضا المكانية ،لكن ضمن هذا التيار الذي يعتقد السوق الألمثل حيث يختفي المكان و ما يمكن أن يطرحه من مشاكل تكلفه النقلالزمن  ظهر ما يسمى بمفهوم الوفرات الخارجية عند ألفــتريد مـــارشال الذي حاول تفسير لماذا تجنح المقاولات للاستقرار في أماكن  دون أخرى و بالتالي قد شكل إرهاصا أوليا لبروز تيار إقتصادي يهتم بالمجال و سميت بالاقتصاد المجلالي (المكانب) ضمنه يمكن التمييز بين اتجاهين أساسيين :
  . الاتجاه الأول :  شكل أوكيســت لــوش  الذي حاول أن يدرج المكان ضمن النموذج الرياضي لليــون فــراس و قد ارتبط  مفهوم المكان عند أ.لـــوش بالمكان المتمايز على مستوى الموارد و اليد العاملة و الأثمنة و تكلفة النقل (و هي عوامل قد أدرجت تغيرات على المعادلات الرياضية للتيار النيوكلاسيكي  الأساسية التي بحثت عن التوازن الأمثل للسوق.
   . الاتجاه الثاني : تيار تزعمه كل من  طوغد بلاندر taud balander  و ولــلر ازار Walter Isar كشفا عن التناقض الواضح  بين اقتصاد السوق لليــون فلاغراس  و ما يسمى بالنســـق المجالي(المكاني) و حاولا أن يؤسسا النظرية العامة نسبيا  متطورة،تأخذ بالحسبان الواقع الاقتصادي الحقيقي حيث يشكل المكان عائق يحول دون تحقيق ما يسمى بالسوق المثلى (التوازن الأقصى)، و مع أزمة 1929 م "الخميس الأسود" و نجاح التجربة السوفيتية أصبح الحديث عن ذلك التوازن الذي ثار به ليــن فــلارس ضرب من الخيال،فظهر نا يسمى بالمقاربة الماكرو اقتصادية عند كينــــس keynes ،كما برزت مجموعة من الدراسات الاقتصادية التي تهتم بالمجال الحضري و أخرى بالمجال الريفي ، و في نفس  الوقت ظهر ما يسمى بالتيار الماركســـي حيث أضحى المكان هو نتاج علاقات اجتماعية متنوعة و بروز الجغرافية الاقتصادية.
2– بناء الجغرافية الاقتصادية.
عرفت الجغرافية الاقتصادية  خلال هذه المرحلة (1870- 1970) اتجاهين أساسيين :
  . بروز التيار النيوكلاسيكي و التيار المجالي 1929 م
أ‌-                  الجغرافية النفعية أو البراكماتية : و هي جغرافية ارتبطت أساسا بالتوسعات الامبريالية التي عرفتها أروبا في نهاية القرن 19 م و اقتصرت على جرد الموارد  المعدنية و الطاقية و الفلاحية  لمختلف البلدان و المناطق،و حاولت إبراز التوزيع المتباين للثروات و اعتبرته العامل الرئيسي المسئول عن اختلاف اقتصاديات هذه المناطق و صارت العوامل الطبيعية هي الشروط المحددة للأنشطة الاقتصادية ،باستثناء الجغرافي  Ernest Frederech الذي اهتم بالآثار التي يمكن أن تحدثها الوقائع الاقتصادية على المكان،فإن الجغرافية الاقتصادية ظلت استقرائية وصفية تعتمد على الإحصاء و تتسم بفقر نظري مدقع.
ب‌-              الجغرافية النظرية :
    كشفت أزمت 1929 م على أن الموارد و الإنتاج عاملان غير كافيين لتحقيق اقتصاد ناجح فانتبه العديد من الجغرافيين إلى مجمل التحولات  التي طرأت على مستوى الواقع  (أزمت 1929 م) و أيضا مجموع التغيرات الفكرية(نظرية كينس ) و حاولوا البحث في كيفية إسهام الفكر الجغرافي في عملية الإعداد و التنمية الذي نهجتها مجموعة من الدول فظهر في ألمانيا "وليام كريستالير" الذي درس الاقتصاد المجالي (المكاني) و عرف ما يسمى بنظرية المكان المركزي قبل التطرق إلى هذه النظرية لابد من الإشارة إلى نظريات اقتصادية بالأساس لكنها أدرجت ما يسمى بالمكان أو المجال الجغرافي.
. نظرية الاماني فـون تينير في استخدام الأرض (1783- 1850)

 وهي أول نظرية علمية تفسر تنظيم المجال الجغرافي (المكان)،وقد صاغها بعد أربعين (40 سنة) من التجربة بمزرعته قرب مدينة Rostok 
حاول بهذه النظرية الكشف عن أنماط توزيع التنظيم الزراعي التي تنشأ بضواحي المدن و الأسواق الحضرية(التنطيق الزراعي).
  تنطلق هذه النظرية من فكرة مفادها ظهور نطاقات زراعية مختلفة بضواحي المدن على شكل حلقات متميزة تشترك في مركز واحد.و تتحدد المسافة التي يقطعها منتوج زراعي معين إلى سوق المدينة بنوع السلعة و نفقات الانتاج و تكاليف النقل و العلاقات بين هذه المتغيرات هي التي تتحكم في الفائدة التي يجنيها المزارع و يرى فون تينير أن أشكال التنظيم المكاني للزراعة حول المدينة تبقى رهينة بعدة فرضيات و هي :
-                    وجود سوق منعزلة تتكون من مدينة واحدة.
-                    اعتبار المدينة سوق لترويج فائض الانتاج القادم من الضواحي المجاورة.
-                    وجود بيئة طبيعية متجانسة ملائمة للزراعة و تربية الماشية.
-                    وجود مزارعون قادرون على تكييف الزراعة مع حاجيات السوق.
-                    استخدام وسيلة واحدة للنقل البري.
-                    تكاليف النقل تزداد طردا مع المسافة ومع تحمل المزارعين لتلك التكاليف.    
              و الفكرة الأساسية لهذه النظرية أن فرص اختيار المزروع تتناقص مع بعد المسافة على سوق المدينة،فالمزارع القريب من السوق له الحرية في اختيار المزروعات التي سيسوقها أما المزارع البعيد فإن اختياره يبقى محدود للمنتوج،و يفترض "فون تينير" أن التنظيم الزراعي حول سوق المدينة يكون على شكل ستة مناطق هي كالتالي
1                  المنطقة الأولى : تختص في انتاج المواد القابلة للتلف السريع (الحليب،اللبن،الخضروات...) لذلك تتركز قرب المدينة.
2                  المنطقة الثانية : تختص في إنتاج الخشب ،الوقود لكثرة الطلب عليه في المدينة.
3                   المنطقة الثالثة و الرابعة و الخامسة : تختص في إنتاج الحبوب و بعض المزروعات الأخرى.
4 المنطقة السادسة : تكون على شكل ضيعات لتربية الماشية و منتوجاتها كاللحوم و الجبن ز
و بصفة عامة يتلخص مضمون النظرية في نقطتين :
-                    كلما بعدت مناطق الإنتاج من السوق كلما ازدادت تكلفة الإنتاج بسبب ارتفاع تكلفة النقل.
-                    يتناسب ايجار الأراضي عكسا مع تكاليف النقل فكلما ارتفعت تكاليف النقل إلا و انخفض ايجار الأراضي و العكس صحيح.
. نظرية التوطين الصناعي ل "ويــبــر"

   في سنة 1909 صاغ الإقتصادي الألماني  "ألفريد ويبر " نظرية كاملة تفسر التوطين الصناعي و قد بنيت على مجموعة من الفرضيات التي تؤثر في تموقع الصناعة ميز فيها بين عوامل أو فرضيات متغيرة أو ثابتة.
-                    العوامل الثابتة : يرى ويبر أنها لا تتغير من مكان للآخر و هي كاآتي :
. وجود منطقة منعزلة لا تؤثر و لا تتأثر بأي منطقة أخرى
. هذه المنطقة متجانسة طبيعيا و بشريا و يتوزع فيها السكان توزيعا منتظما.
. تخضع المنطقة لسطة واحدة ذات قوانين موحدة.
. تتوفر كافة أنحاء المنطقة على موارد طبيعية كافية (ماء،...)

-                    العوامل المتغيرة: (الفرضيات)
. بعض المواد الأولية كالفحم و الحديد محدودة و تتوفر في أماكن معينة دون أخرى.
. اليد العاملة محدودة و تنحصر في مواقع معينة و تختلف الأجور من مكان إلى آخر.
. تكاليف النقل خاضعة لعاملي الوزن و المسافة و تتزايد بشكل كبير و بدراسة هذه العوامل خلص فيبر إلى أن مواقع الصناعة تتحدد بفعل ثلاثة عوامل :
أ‌.                   تكلفة النقل  : ويسري بأنها تختلف حسب الموقع و في هذا الصدد قام بفحص حالتيين :
الحالة الأولى
      تتوفر على سوقا واحدة و مادة خام واحدة و في هذه الحالة فإن توطين الصناعة يمكن أن تتخذ عدة مواقع.
    1.إذا كانت المادة الخام متوفرة في كل مكان :داخل المنطقة يوطن المصنع في السوق بفعل انخفاض تكلفة النقل.
    2. إذا كانت المادة الخام  نقية و موجودة في مكان محدود فإن المصنع سيوطن إما في السوق أو قرب المادة الأولية(المنجم)
    3. إذا كانت المادة الخام غير نقية و موجودة في مكان محدود: فالموقع سيكون قرب المنجم لأن التكلفة ستزداد.
1.1.1.1.1.                 الحالة الثانية
                         سوق واحدة و مادتان خامتان، في هذه الحالة فلإن المصنع ستكون له له أربع مواقع  و هي:
1.الموقع الأول : إذا كانت المادتان تنتشران في كل مكان فإن المصنع سيكون قرب أو في السوق.
2.الموقع الثاني : إذا كانت المادة الأولى موجودة في كل مكان ،و الثانية في كل مكان  ما عدا في السوق،فإن الموقع سيكون قرب السوق لأن تكلفة النقل منخفضة.
3.الموقع الثالث: إذا كنت المادتين محدودتين و غير نقيتين يصبح اختير الموقع معقد،و لتحديده يقترح "ويبر" مثلثا هندسيا يسمى بمثلث الموقع ،و بعد التحليل الحسابي لتكلفة النقل وجدفيبر بأن أفضل موقع سيكون وسط المثلث يتوسط المادتين و السوق.
       ب – تكاليف اليد العاملة
يرى فيبر أن هذه التكاليف تختلف من مكان إلى آخر و بذلك فهي تؤثر في اختيار موقع المصنع .
فإذا كانت تكاليف النقل و السلع عالية في موقع معين فمن الممكن تعويض تلك الخسارة باختيار موقع آخر تكون فيه تكاليف اليد العاملة منخفضة و اعتمد فيبر  في ذلك على رسم خطوط تكلفةالنقل المتساوية،و هي منحنيات تصل بين النقاط المتساوية في تكاليف النقل الإجمالية.وقد نظمت الأبعاد المجالية لهذه الخطوط بحيث يمثل كل خط تكلفة النقل عن الطن في الكيلومتلر و هكذا حاول فيبر أن يدرس العوامل المؤثرة في تحديد موقع الصناعة في علاقتها بالمجال الجغرافي و انتهى إلى أن هذا الموقع غالبا ما يتم اختياره في المناطق التي يقل فيها تكلفة الإنتاج الإجمالية(النقل و اليد العاملة) و في مناطق قريبة من المستهلك و السوق.
     و على ضوء هذه النظرية اشتقن بعض الفرضيات عن المواقع الصناعية و طبقت في أشكال متنوعة و ركزت على أهمية الترابط بين الصناعات من خلال تدفق السلع و الخدمات  و المعلومات و بينت أن هذا الالترابط له مفعول كبير في تحديد موقع المصانع.
 .نظرية المكان المركزي " لويليام كريستــلير"    

   وضع هذه النظرية الجغرافي الألماني و الاقتصادي " لويليام كريستــلير"  سنة 1933م الذي كان متأثر بعلم الاقتصاد المجالي و هي أول نظرية عالجت تأثير حركة النقل و المبادلات التجارية في موقع المدينة ،و حاولت تفسير البنية الهرمية و نظام التباعد بين المراكز البشرية المختلفة.ف" لويليام كريستــلير"     يرى أن الخدمات تميل إلى الانتشار في نظام سداسي الأضلاع.
  و بما أن هذه النظرية تفترض أن مراكز الخدمات تتجه إلى الاستقرار في مراكز المناطق التي تؤمن لها الخدمات،فقد عرفت بنظرية "الموقع المركزي"
    و يرى " لويليام كريستــلير" أن تحقق نظريته مرتبط بثلاثة شروط وهي :
° التجانس الطبوغرافي : بحيث يكون سطح الأرض منبسطا.
° التجانس الاقتصادي : ألا يكون موضع معين له ميزة اقتصادية ز
° التجانس في القدرة الشرائية للأفراد.
     و تستند هذه النظرية على ثلاث افتراضات رئيسية :
+ أن أصحاب المشاريع يسعون إلى اختيار الموقع المناسب لتحقيق أكبر ربح ممكن.
+ أن المواقع القريبة من السوق هي التي تحقق أكبر عائد ممكن.
+ أن المستهلكين يفضلون شراء حاجياتهم و الحصول على الخدمات في أقرب مكان مناسب لتوفير كلفة الشراء (كلفة المسافة و النقل و الوقت)
  و على ضوء هذه الرغبات المتضاربة لكل من البائع الذي يهدف إلى تحقيق الربح ،و المشتري الذي يرغب في خفض كلفة الشراء،فغنه لو افترضنا  سهلا منبسطا  و متجانسا  مجاليا فإن شكل تنظيم المنشآت البشرية يتخذ بية هرمية ذات أشكال سداسية بحيث يصبح لكل مدينة منطقة نفوذ تابعة لها  و المكونة من الدن الصغرى و القرى التي تدور في فلكها،
و هذه المدينة المدينة نفسها و منطقة نفوذها تصبحان خاضعتان لمنطقة نفوذ مدينة أكبر منها .
   و يرى " لويليام كريستــلير" أن تجاور مناطق النفوذ الدائرية قد يؤدي إلى تقاطعها و يترك فجوات بلا خدمات.
  و بعد دراسة الأشكال الهندسية  تبين " لويليام كريستــلير" أن المضلع السداسي أقرب إلى الدائرة و لكن لا يؤدي إلى التشابك الوظيفي و لا يترك يترك فراغات في الخدمات لذلك فقد افترض " لويليام كريستــلير" أن المراكز التجارية سوف تتوزع في المجال على أشكال سداسية،و أن مناطق نفوذها تأخد شكل مضلعات سداسية و هذه المراكز التجارية تحتل دائما
مركز الضلع السداسي  و هكذا يصبح لدينا شكلا هرميا متدرج من حيث الأحجام الأبعاد و مساحة مناطق النفوذ حتى نصل إلى قمة الهرم و مجموع هذا السلم الهلامي  يمثل إقليما اقتصاديا قائما بذاته بينما تمثل مدينة القمة عــاصمة الخدمات.
   و  قد شجعت هذه النظرية كثيرا من الجغرافيين للقيام ببحوث لفحص مدى صحة فرضياتها و انطباقها على الظواهر الجغرافية،و هكذا شكلت مضمون أبحاث الجغرافيين الكميين الأنكلوسكسونيين  مثل "براين" و "بيري"
لكن ما يؤخذ على هذه النظرية هو أن الشرطان الذان انطلقت منهما(التجانس الطبوغرافي و الاقتصادي ) لا نجدهما في المجال(المكان) الجغرافي،فهذا الأخير غلبا ما يتحكم فيه عاملين مضادين هما طرق المواصلات  و عدم انتضام التضاريس و اللذان يشوهان النموذج النظري السداسي لنظرية المكان المركزي.
 . نظرية مناطق النفوذ التجاري ل "فيبر"    فتر fetter

و تعرف أيضا باسم صاحبها الاقتصادي Fetter و قد وضعها سنة 1924م و هي مستوحات من نموذج Alfred Weber حول التنظيم المجالي لمواقع الصناعة،و تحاول هذه النظرية رسم الحدود الفاصلة بين مناطق النفوذ التابعة للمراكز التجارية المتجاورة. و يمكن تطبيق  هذه النظرية على دراسة المجالات الجغرافية الخاضعة للمنافسة إما من طرف مركزين تجاريين أو مصنعين يتنافسان على بيع السلع للمناطق المحيطة بها،أو مركزين تجاريين أو مصنعين يتنافسان على أي نوع من أنواع الخدمات التي تتطلب نفقات من عمليتي الإنتاج و التسويق.
  و قد ميز فfetter بين ثلاثة حالات :
 --- الحالة الأولى : و هي تفترض بأن مركزين "ب" و "ج" متماثلان في تكلفة الانتاج و النقل،حيث أن نفقات النقل في كل كلم km متساوية في جميع الأمكنة و ترتفع مع تزايد المسافة بنفس النسبة.في هذه الحالة نلاحظ أن مجموعة من النقط تقع على خط الحدود الفاصل بين المنطقة التجارية "ب" و "ج" و يلاحظ أن المجالات الجغرافية الخاضعة لنفوذ المركزين التجاريين متماثلة.
--- الحالة الثانية : و هي تفترض إذا كانت تكاليف الإنتاج مختلفة بينما نفقات النقل  متساوية، فإن الحدود التجارية للمركزين تكون عبارة خط مقوس جدا يقترب من المركز الذي ترتفع فيه تكاليف الانتاج  و يتقوس حوله. في هذه الحالة فإن مجال نفوذ المركز يكون أوسع لأن تكاليف الانتاج تكون منخفضة.
--- الحالة الثالثة : و هي تفترض إذا كانت تكاليف الإنتاج ثابتة و لكن نفقات النقل متغيرة لذا فإن الحدود التجارية للمركزين تكون عبارة عن خط مقوس جدا يقترب من المركز الذي ترتفع فيه تكلفة النقل.
.نظرية قانون جاذبية التجارة بالتقسيط Reylly

   تعالج موقع الحدود التجارية حاول Reylly سنة 1929م من خلال هذه النظرية  البحث عن العلاقة التجارية بين المدن و ضواحيها،و قد أبرز  بأن الظواهر الاقتصادية يمكن تفسيرها بقانون الجاذبية التي تحدث عنها نيوتن.
III – المرحلة الثالثة :
    مرحلة ما بعد سنة 1970م،تميزت بخاصيتين أساسيتين:
--- الخاصية الأولى : اغناء علم الاقتصاد بمفهوم المكان.
--- الخاصية الثانية : نهضة أو تطور الفكر الجغرافي  الاقتصادي  ووضع القواعد الأساسيةللجغرافية الاقتصادية.
++ عودة علم الاقتصاد إلى التصور الشامل لمفهوم المكان.
    استمر التصور النيوكلاسيكي في الاقتصاد و ما بعد سنة 1970م،لكن ظهور العديد من الأعمال كشفت عن نهاية التوازن الأمثل للسوق و سار التوجه نحو البحث عن الأسباب الموضوعية و التفسيرية أكثر من الأسباب المعيارية فمن جهة  أبانت الدراسات النفسية و الاقتصادية (علم النفس الاقتصادي) أن السلوك العقلاني للإنسان هو أساس نتيجة لتطور ثقافي و تاريخي خضع له الفرد و المؤسسة معا،و الآن يتم نهجه من طرف الإنسان قصد تحقيق ما يسمى بالاندماج في المجتمع.
    و من جهة أخرى فإن بروز البلدان  الاشتراكية على مستوى الساحة الدولية دفعت بالاقتصاديين إلى محاولة تفسير التعارض الحاصل بين الاقتصاد المخطط و اقتصاديات السوق.
    فالأزمة الرأسمالية و بروز دول أخرى تنهج نفس المسار تبرز تنوع اقتصاديات السوق،هي مجموعة من التحولات أدت إلى التشكيك في التنظيم الطبيعي للسوق و إعارة الاهتمام لدور الدولة و العلاقات الاجتماعية و دور المؤسسات،بل شكلت دراسة التنظيمات تطورا مهما حيث كشفت بأن الشركات متعددة الجنسية تلعب دورا أساسيا  في مختلف تقلبات السوق و حاولت مجموعة من الدراسات أن تكشف عن استراتيجيات أو سلوكيات التنظيمات و كيفية نشوئها و الأدوار التي تلعبها،حيث برز ما يسمى ب "أنطولوجية" التنظيمات و المؤسسات الاقتصادية،ليظهر فيما بعد علم النفس الاقتصادي الذي انصب على دراسة بناء تصورات الإنسان و تمثلاته للأحداث و الوقائع الاقتصادية،و تبرز أيضا محاولاتتاريخية تبحث عن أسس المقولات الاقتصادية (المفاهيم المستعملة) و هي دراسات قريبة بالدراسات الانتروبولوجية التي اهتمت بالجماعات البشرية الصغيرة  و أكدت مرة أخرى  بأن المفاهيم المؤسسة لعلم الاقتصاد الغربي ليست مفاهيم عالمية،بل هناك أنماط من الإنتاج  لا تخضع لمنطق السوق الغربية كما هو الشأن بالنسبة للمجتمعات البدائية حيث يتم التبادل اعتمادا على معايير أخرى(المقايضة).
  أمام هذا التغير الجدري في موضوع علم الاقتصاد و مفاهيمه وقع ايضا تحول في تصور الاقتصاديين لمفهوم المكان الذي سار بالنسبة إليهم مكان هندسي و في نفس الوقت مكان ثقافي و نفسي و اجتماعي...
 أمام هذا التطور النوعي الذي عرفه فكر الاقتصاد،يعرف الفكر الجغرافي الاقتصادي تطور آخر
  مر الفكر الجغرافي بمرحلتين أساسيتين :
--- مرحلة التقهقر و الانغلاق (التراجع)
         لم تتأثر الجغرافية في هذه المرحلة بمجمل التحولات التي طرأت على مستوى الواقع و الفكر معا،و معضم المواضيع التي كانت من المنتظر أن تعالجها الجغرافية الاقتصادية ،تطرقت إليها الجغرافية البشرية بأقسامها الفرعية(ج.اجتماعية،ج.ثقافية،ج.سياسية...) و ظلت الجغرافية الاقتصادية منغلقة على نفسها و لم تعمل على الاستفادة على باقي الحقول المعروفة الأخرى،حيث ظلت أعمالها مقتصرة على بعض الدراسات الأمبريقية (التجريبية،الخبراتية).فقد اهتمت دراسة الأسواق الدولية،المستوطنات الصناعية،الأنشطة التجارية و الخدمات،و هي دراسات وصفية بالأساس
--- مرحلة تطور الجغرافية الاقتصادية :
 و ذلك ببروز تيار راديكالي يعتمد على التاريخ في تفسير الأحداث و الوقائع الاقتصادية،مركز على العلاقات الاجتماعية،و تيار ما بعد الحداثة الذي يعطي الأهمية ل الثقافات الخارجية(الثقافة الغربية بالأساس)         



ليست هناك تعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق